في الشورى والوطنية

فهد بن خميس العبري
أقل من دقيقتين

فهد العبري يكتب حول كيف نمارس وطنيتنا عبر انتخابات مجلس الشورى

الشورى مبدأ قرآني ذكره المولى في قوله (وشاورهم في الأمر)، وفي (وأمرهم شورى بينهم)؛ فمن واجبنا شكرُ هذه النعمةِ التي نجد صداها في بلادنا، وشذاها في رُبوعنا. وما أجمل موطِنًا يستقي هديَه من كتاب ربه! وتنثالُ تشريعاته من فيضه ونوره؛ مِن ثَمّ لا يملك العاقل- وهو يرى شروى هذه الفرصة- إلا أن ينتقي لمن يمثّلها عضوا يعِي حقيقتها، ويدرك معناها وفحواها وجدواها، وأنها تكليفٌ أكثر من كونها تشريفا، وطريقةٌ لخدمة المجتمع أكثر من جعلها سبيل وجاهة، وأمارة تَباهٍ، ومكانة.

ولما كان الأمر كذلك لا يليق بنا- ونحن نروم التقدم- ترشيحُ من يكون كلّ وقته مدحا وثناء للمواطنين والمسؤولين والوزارات، ولو في خطأ محضٍ شنيع؛ فننتخبه؛ ظنّا منّا أن هذه هي الوطنية، وأن هذا هو الرجلُ المناسب!

لا تحملنكم المجاملات على أن تصطفوا لوطنكم من لا يكون أحقّ بالشورى وأهلها

الحبُّ الحقيقي، والوطنية الحقيقةُ بالإشادة، القَمِنَةُ بالنشر والإذاعة تلك التي تراعي الجانبين:

- الإيجابيات؛ فتشيد بها، وتشدّ من عضدها، وتنمّيها، وتعينها..

- السلبيات؛ فتنقدها، وتصحح مسارها، وتبيّن عوجها، وتصلح خطأها؛ حتى تعود لجادة أمرها، وحاقِّ موضعها..

ولعل النقد البناء- مع عدم إغفال دور التعزيز- والتشجيعَ للمُحسن- هو خيرُ ما تحتاج إليه عمان والعمانيون في هذه المرحلة بدل المدح المبالغ فيه بغير استحقاق.

ولا تخدعنكم الفكرةُ القائلة إن الأمة محتاجة اليوم إلى من يأخذ بيدها نحو( التعزيز والإشادة) فقط، ثم يوهمك أن سبيل (الإنتاج) الذي لا محيص عنه ولا مفر هو: لثناءُ على الصواب، والتغافلُ عن الأخطاء والنقد.

فالأول صحيح؛ إذ هو مهم في المجتمع، وسبيل الرقي متى ما لامسَ موقعه، وكان فيمن يستحقه، أما التغافل عن الهفوات بدعوى التشجيع وكونه دليلَ حسن الخلق فليس بشيء؛ إذ لا تنافي بين النقد وحسن الخلق، ولا يزال الذين يكررون على مسامعنا أن النقد انتقاصٌ بمنأى عن الصواب؛ فلا يؤمنوا بالنقد حتى يروا مجتمعهم مسّاقط البنيان، متهاوي الأركان، فيندموا ولات ساعة مندم.

فإلى هؤلاء ومن لفّ لفّهم أقول:

الله الله في أوطانكم، اعمروها بالصدق، وتوّجوها الأمانة، وقلّدوها البذل والعطاء المثمرين، ولا تحملنكم المجاملات على أن تصطفوا لوطنكم من لا يكون أحقّ بالشورى وأهلها؛ فإنكم واقفون أمام الله في يوم لا ينفع فيه غير رحمة الله، ثم العمل الصالح النزيه المتلفع بالأمانة والعدل وغيرهما.